يجب أن نعلم أبناءنا أن التمييز والإبداع غير مقتصرين على كرة القدم والفن، فمجال العلوم أيضًا به مساحة هائلة للتحقق والإبداع والتميز.

“لم أفعل شيئًا غير أني أحببتُ عملي ومارسته بإخلاص”.. تقول الفاحصة المتميزة التي أحدثت فارقًا في رحلة علاج فيروس سي بعقار سوفالدي بمصر وبلدان أخرى، منة الله الكتامي.

منة الله مرسي حسين الكتامي (33 عامًا)، تعمل كفاحص فني صيدلي ومدرب ملكية فكرية لدى مكتب براءات الاختراع المصري.

مع نهاية عام 2012 أحدث تقرير منة الله الكتامي بشأن رفض طلب شركة جلياد للحصول على حق براءة اختراع عقار سوفالدي في مصر، فارقًا في مسار علاج المصريين من مرض فيروس سي باستخدام العقار الجديد “سوفالدي”.

فيروس سي هو ثالث سبب رئيسي للوفاة بمصر، خلال عام 2015 تسبب في وفاة 40 ألف مصري بنسبة  (7.6%) من الوفيات.

كيف أثر التقرير على سعر الدواء؟ 

أتاح التقرير الذي أعدته منة حق تصنيع الدواء محليًا وإتاحته للعامة بأسعار مناسبة؛ مستندًا إلى أن المركب الفعال لتصنيع دواء سوفالدي مركب قديم.

تقول خلال حديثها لمحرر صناع الحياة:

“تقريرنا الأولي أكد أن مركب سوفالدي قديم، وتم رفض طلب الشركة بشأن حق الحصول على براءة اختراع، لكن ظلت هناك عدة خطوات للرفض التام”.

بعد الرفض أتاح المكتب حق الرد أو الدفاع للشركة –واحدة من الخطوات المتبعة- لكن الشركة لم تقدم أي دليلٍ ينفي صحة الرأي المدون في التقرير.

خلال عام 2008، كان واحد من بين كل 10 مصريين مصابا بفيروس سي.

كمحاولة أخيرة للحصول على حق البراءة تظلمت الشركة، لكن التظلم أيضًا رُفض لينتهى الأمر تمامًا.

ساهم قرار رفض البراءة في تخفيض تكلفة عقار “سوفالدي” الذي كان 84 ألف دولار / كورس العلاج كاملًا.

أصبح يتم إنتاجه محليًا، وهبط سعر العلبة إلى سعر العلبة أصبح 2670 جنيهًا مصريًا، ثم وصل إلى 1700 جنيه.

أخيرًا أصبحت تكلفة كورس العلاج كاملًا 1527جنيهًا مصريًا.

توضح خريجة كلية الصيدلة جامعة عين شمس 2008، أن مصر كانت أول بلد ترفض براءة اختراع هذا الدواء.

“بلدان أخرى سارت على خُطى مصر، الأرجنتين طلبت منا الوثائق الخاصة بالرفض؛ لدعم موقفهم في الرفض”.

أشارت إلى أنه خلال عملها على طلب جلياد، وجدت دراسة لجامعة ليفربول تؤكد أن تكلفة تصنيع السوفالدي (سوفوسبوفير) لا تتعدى 200 دولار.

رحلة منة الله الكتامي

رحلتها للمساهمة في إنجاز علاج فيروس سي لم تكن سهلة.

بعد أن حققت حلمها بدراسة الصيدلة وعملت بنفس المجال، فقدت منة بوصلة الطموح لفترة ليست بقليلة.

أصبحت مجرد شخص يؤدي مهام العمل والحياة اليومية، لكن بضعة أحداث دفعتها لضبط بوصلتها مرة أخرى واستعادة طريقها.

لعل رغبتها في أن تصبح نموذجًا مؤثرًا في الحياة وأن يفخر نجلها بدورها في الحياة أهمهم.

عام 2012 وفي أثناء حملها، كانت منة الله تدرس للحصول على دبلومة في قانون الملكية الفكرية / كلية حقوق جامعة حلوان.

بالفعل حصلت منة على الدبلومة وكانت (الثانية على دفعتها).

تحضر -حاليًا- ماجستر الملكية الفكرية بالمعهد القومي للملكية الفكرية بجامعة حلوان. 

تقول منة “لقيت نفسي في العمل بمكتب براءة الاختراع.. من أول يوم عمل هناك بذاكر وبطور نفسي”.

“شغلتي حكومية بس بحبها جدًا، كل يوم عندي ملف جديد وبحث جديد.. كل مرة بشغل دماغي وبدور.. في شغف وإثارة، جزء من ده بتوفره طبيعة الشغل وجزء تاني أنا بخلقه”.

عروض كثيرة تتلقاها منة للعمل بأماكن أخرى، ربما تكون أفضل، لكنها ترفض “أنا مؤمنة إن مكاني هنا، هضيف وهكون مؤثرة”.

منة الله الكتامي

“عندي تحدي وهحققه.. نفسي كل الناس تفهم يعني إيه فاحص براءة اختراع وأهمية دوره”.

الهمة يا شباب

منة الله الكتامي تنصح الشباب أن يسعوا دائمًا نحو الأفضل والتعلم وتطوير مهاراتهم، وألا ينتظروا التوجيه من أحد.

شاركت منة في عدة أعمال تطوعية لها علاقة بمهنتها “الملكية الفكرية والدواء”.

ترى أن التطوع واجب إنساني نمارسه حال كنا قادرين، وأن الإنسانية هي الحياة، وأن الدواء حق للجميع دون تمييز.

اقرأ أيضًا: صناع الحياة تؤسس أول نظام تأمين صحي تكافلي تنفذه منظمات المجتمع المدني

مصادر: (1)، (2)